8# – الرد على المتهكمين على الإسلام، هل الإسلام مسئولٌ عن تخلفنا؟*

مُلخصٌ فى ثوانٍ: هجمه بعض الإعلاميين المصريين على الإسلام – ترويج فكرة أن الإسلام هو سبب تخلفنا – من المسؤل عن تخلفنا العلمى: “الدين” أم “سؤ الحكم”.  

فى العام الماضى1،  شكك صحفي مصري معروف2 فى قصتى الإسراء و المعراج3. وذكرنى هذا بحادثة سابقة سخر فيها نفس الصحفي من صيدلي كان يقرأ القرآن أثناء عمله في صيدليته في مصر.  بعد ذلك بوقت قصير، قال نفس الصحفي، أثناء محاولته للدفاع عن هجومه السابق على الصيدلي، “قارنوا بين عدد الكتب الجديدة التي ننشرها والإختراعات التى نسجلها كل سنه بالأرقام نفسها فى أى دولة متقدمة”. هذا الصحفى المصرى لايمثل حالة منعزلة، ولكن عدد كبير من الشخصيات الإعلامية المشهورة فى مصر تشاركة فى آرائه. 

و كُنت قد ذكرت فى مقالٍ سابق لى، نشر تحت عنوان “هل الإسلام مجرد دين؟”، أن الخُطوة الأولى لحل مشاكلنا هى التشخيص الدقيق لأسبابها. و ذكرت فى هذا المقال أن سبب تخلف أمتينا العربية و الإسلامية هو “سوء الحكم”، وأن الإسلام كثقافةٌ وكمنهجٌ للوعى، هو طريقنا للخروج من عثرتنا الحضارية.

وبدلاً من التشكيك فى نوايا المروجين لربط الإسلام بالتخلف، سأقوم فقط بالدفاع عن تشخيصى لسبب عثرتنا الحضارية، وهو “سوء الحكم”.  وذلك لإعتقادى أنه بدون التشخيص السليم، ستكون محاولة علاج حضارتنا المريضة مثل محاولة إصابة هدف متحرك فى الظلام.

وبدلاً من الدفاع عن الإسلام بشكلٍ مباشرٍ كدين، فهو بقرآنه لأكثر من قادر على ذلك، سأقدم بعض الأسئلة النظرية التى ستكشف التفكير الغير منطقى لمنتقدى الإسلام:

السؤال الأول: إذا كانت هناك علاقة سببية بين الإسلام وتخلفنا، فلماذا توجد دول إسلامية متقدمة، وأخرى مسيحية أو بوذية متخلفة؟

السؤال الثانى: هل ستتقدم بلادنا الإسلامية إذا ما قررت اتباع ديانة أخرى؟

السؤال الثالث: إذا كان الإسلام والتخلف مرتبطين بشكلٍ وثيق، فكيف نفسر الحضارة المزدهرة التي أقامها أجدادنا المسلمين في الأيام الأولى للإسلام؟

وقبل الإنغماس فى تفاصيل الرد المبنى على العقل و المنطق، دعونا نقدم المشكلة بشكلٍ مبسط من خلال نقاط محددة يمكن الإتفاق عليها بسهولة. 

فبدلاً من التحدث بشكلٍ معقد حول تسمية المشكلة التى أصابت مجتمعاتنا، سنقتصر على تسمية التشخيص الذى يُروج له بعض الأعلاميين المصريين بكلمة واحدة وهى “الإسلام”.

و سنختزل مظاهر هذه المشكلة فى إثنتين من الأعراض الرئسية لها وهما: قلة عدد الكتب التى ننشرها ونقص عدد براءات الإختراع الجديدة التى نسجلها كل عامٍ مقارنة بالدول المتقدمة.

وبدلاً من التعمق فى دراسة هذه المشكلة و أسبابها فى جميع الدول الإسلامية، سنكتفى بمصر كممثلة للدولة المريضة التى نسعى لتحديد مشكلتها ومن ثم علاجها.

الآن ، تخيلوا أن “مصر” هى أمنا وأن صحتها لم تكن على ما يرام. ولدى عرضها على الطبيب لاحظ علامتين على مرضها هما: نقصٌ في عدد إصداراتها السنوية من الكتب و هبوط فى أرقام براءات الإختراع التى تسجلها كل عام. وبعد أن قيّمَ الطبيب حالة أمنا “مصر”، قال: “إنها تعاني من مرض يسمى الإسلام”. وبعد ذلك قام الطبيب بوصف علاجه بكلمتين: “تخلصوا من الإسلام و استبدلوه بدين آخر”

ثم أضاف الطبيب: “إتبعوا علاجى حرفياً، و ستصبح أمكم “مصر” قادرة على إصدار الكتب و تسجيل الإختراعات، كأى أمة عفية.

 إن عبثية هذا التشخيص لابد وأن تصدم أى شخص عاقل. فتخلف بلادنا ليس هو المرض بل هو عرضٌ لمرضٍ أعمق يختبئ خلف أعَراضْه. هذا المرض إسمُه “سؤ الحكم” وليس الإسلام.

ماذا لو تمكنا من إستبدال الحكم السئ بحُكمٍ رشيد، وهو الحكم الذى يهدف الى “توفير البيئة الآمنة و الداعمة لمواطنيه كى يصلوا إلى أقصى ما منحة الله لهم من قدرات”. فبدلاً من إهدار موارد الدولة على منظومة القهر الثلاثية، الجيش و الشرطة و الإعلام، سيعيد الحكم الرشيد ترتيب أولوياتة. و سيصبح الإستثمار فى المواطن، بالذات فى مجالى الصحة و التعليم، فى مقدمة تلك الأولويات.  سيوجه الحكم الرشيد ملياراته لجامعات و معاهد يقودها أساتذة وصلوا لمراكزهم بقدراتهم العلمية وليس بالقرابة لذوى النفوذ. وسيكرس هؤلاء الأساتذة و العلماء حياتهم لتوسيع الآفاق العلمية للبشر، وسينشروا نتائج أبحاثهم ويسجلوا براءات إبتكاراتهم.

و خلال سنوات قليلة ستتعافى أمنا “مصر” و ستختفى أعراض مرضها، كقلة مطبوعاتها و نقص كشوفها العلمية، و هى الأعراض التى عانت و تعانى منها أمنا “مصر” ومازالت تعانى منها خلال السنوات المظلمة من الحكم السئ.

المراجع

1. قناة القاهرة التلفزيونية، “حديث المدينة” حوار إبراهيم عيسى، 19 فبراير، 2022.

2. إبراهيم عيسى، صحفى مصرى ومحاور تلفزيونى

https://en.wikipedia.org/wiki/Ibrahim_Eissa

 3. الإسراء والمعراج، من الأحداث البارزة في تاريخ الدعوة الإسلامية ويعدها المسلمون من معجزات النبي محمد (صلى الله عليه وسلم). ويؤمن المسلمون أن الله أسرى بنبيه محمد (صلى الله عليه وسلم) على دابة تسمى البراق مع جبريل ليلاً من المسجد الحرام بمكة، إلى بيت المقدس.   ثم انتقل بعد ذلك من القدس في رحلة سماوية بصحبة جبريل على البراق إلى الملأ الأعلى عند سدرة المنتهى.  

*  تم  نشر هذه المقالة لأول مرة في  إبريل 2022 وذلك في مدونتي السابقة “إسلامي”،  و تم تعديلها بشكلٍ طفيف لتتوافق مع  تاريخ نشرها الحالي.

شارك هذا المقال على :

تم نسخ الرابط !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقلات قد تعجبك