11# هل توجد حياة خارج الكرة الأرضية؟ (الجزء الثالث) البحث عن بصمات الحياة

مُلخصٌ فى ثوانٍ: التطور التاريخى لوجهة نظر البشر لـسؤال “هل نحن وحدنا في هذا الكون؟”، من المخلوقات الخيالية   إلى فهمنا للبصمات الحيوية، ومراجعة سريعة للبصمات العشرة للحياة. وفى المقال القادم من هذه السلسلة، سنتناول موضوع بصمات الحياة فى كواكب المجموعة الشمسية.

“هل نحن وحدنا في هذا الكون؟” هذا السؤال قديم قدم الأساطير البشرية العتيقة، التي ربطت الأضواء المتلألئة في سماء الليل بالأرواح والآلهة والمخلوقات الخيالية الأخرى. وكما فعل أسلافنا مع آلهتهم، قاموا بإسقاط أسلافنا بإسقاط صفاتهم البشرية وأحياناً ملامحهم على هذه الكائنات الخيالية.

هذا المفهوم القائم على إسقاط الصفات البشرية على المخلوقات الأسطورية الخيالية سيطر على ثقافاتنا، حتى بعد أن دخلنا عصر الفضاء في القرن الماضي. فطوال هذا الوقت، لم نكن نبحث عن “الحياة” خارج كرتنا الأرضية، بل كنا دائمًا نبحث عن “كائنات ذكية” تشترك معنا في بعض سماتنا البشرية.

في عام 1686، قال برنارد لو بوفير دي فونتنيل1 أن “الكائنات الفضائية قد تحاول التواصل معنا أو حتى زيارتنا باستخدام أنظمة متقدمة للسفر فى الفضاء”. ومنذ ذلك الحين، تميز كل عصرِ بأساليبه الخاصة للتواصل مع المخلوقات الفضائية الذكية، وذلك بناءٌ على تقدم التكنولوجيا فى تلك الحقبة.

ففي عام 1818، اقترح عالم الرياضيات الألماني كارل فريدريش جاوس2 التواصل مع المخلوقات الفضائية عن طريق رسائل مشفرة وذلك بإستخدام مرايا تعكس الشمس. وبعد سنوات قليلة، اقترح المخترع الفرنسي تشارلز كروس3 إمكانية تكبير الأشعة الضوئية من مصابيحنا للتواصل مع المخلوقات الفضائية على كواكب مثل الزهرة أو المريخ. وفي عام 1900، اقترح نيكولا تيسلا4 التواصل مع الكواكب الأخرى باستخدام موجات الراديو والتى تم إكتشافها حديثاً.

وبعد مرور قرنٌ كامل على إقتراح تسلا، استمر الباحثون المشاركون في البحث عن المخلوقات الذكية خارج كوكب الأرض (SETI)5 فى حالة ترقب لسماع أى إشارة إذاعية مصطنعة قادمة من عوالم أخرى. ولكن تلك الجهود المضنية لم تؤدى إلا إلى بضع حالات من الإنذارات الكاذبة، والتى كانت مثيرة لفترة وجيزة، لكنها لم تؤدى لأى نتائج حقيقية.

إعادة تناول موضوع البحث عن المخلوقات الذكية خارج كوكب الأرض (SETI) تطلب نهجاً جديداً.  في عام 1995، تمكن إثنان من علماء الفلك السويسريون6 من استعادة الحماس لهذا الموضوع عندما اكتشفوا أول كوكب يدور حول نجم آخر مشابه للشمس.  منذ ذلك الحين، زاد عدد الكواكب الخارجية المكتشفة بشكلٍ كبير، حيث وصل العدد حاليًا إلى أكثر من 5000 كوكب7.  وقد أدى اكتشاف الكواكب الخارجية إلى تغيير نظرتنا لإمكانية الحياة على الكواكب الأخرى من كونها مجرد تخمينات إلى موضوع قابل للبحث والتحقق العلمى. وقد تجاوب الباحثون مع هذا التطور باقتراح مفهوم “البصمات الحيوية”8، والذي يمثل طريقة جديدة للبحث عن “الحياة” خارج كوكبنا الأزرق.

التوقيعات الحيوية

التوقيع الحيوي هو أي مادة – مثل عنصر أو نظير أو جزيء – أو ظاهرة، توفر دليلًا علميًا على وجود “حياة” سواء كان ذلك في الماضي أو فى الحاضر. ويشمل ذلك جميع مظاهر الحياة التي يمكن قياس تركيبها الكيميائي أو الفيزيائي، أو استخدامها للطاقة، أو إنتاجها للكتل الحيوية والنفايات. ويمكن للتوقيعات الحيوية أن توفر الأدلة على وجود كائنات خارج كوكب الأرض إما بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال البحث عن منتجاتها الثانوية الفريدة من نوعها.

بصفة عامة، يمكن تقسيم البصمات الحيوية الى عشرة فئات رئيسية:  

1. أنماط النظائر: وهى تشير إلى وجود أنماط خاصة لاتتكون إلا نتيجة لوجود عمليات حيوية.

2. الكيمياء: وجود خصائص كيميائية تحتاج إلى أنشطة بيولوجية.

3. المادة العضوية: المركبات العضوية التى تنشأ خلال العمليات الحيوية.

4. المعادن: المعادن أو الهياكل المعدنية التي يشير تكوينها أو شكلها إلى وجود نشاط حيوى، مثل الماجناتيت الناتج من العمليات الحيوية.

5. التركيبات المجهرية: مثل الأسمنت الذى يتكون بفعل الكائنات الحية، والهياكل الدقيقة، والأحفوريات المجهرية.

6. التركيب الفيزيائي المرئى: وهي الهياكل التي تشير إلى وجود نظم بيئية صغيرة جداً، أو الأغشية الحيوية والتى يمكن إكتشافها عن بعد.

7. التغير مع مرور الزمن: أي تغيرات في غازات الغلاف الجوي، أو فى مظهرها البصرى بسبب وجود الحياة.

8. خصائص انعكاس السطح: أي سمات الإنعكاس الواسع النطاق والناتج عن وجود أصباغ حيوية يمكن رصدها عن بُعد.

9. غازات الغلاف الجوي: الكشف عن الغازات التي تيشأ من الأنشطة الحيوية أو العمليات المائية، مع وجوب توفرها على نطاق واسع على سطح الكوكب كله.

10. البصمات التقنية: وهى البصمات التى تشير إلى وجود تقنيات لحضارة متقدمةً.

في المقالة التالية بعنوان “الحياة في الفناء الخلفى للأرض، سأتناول موضوع الحياة وبصماتها في نظامنا الشمسي. أما في المقالة التى بعد ذلك بعنوان “الحياة على الكواكب الخارجية” فسأعيد النظر في موضوع البصمات الحيوية على الكواكب الموجودة خارج نظامنا الشمسي.

المراجع

1. برنارد لو بوفير دي فونتينيل (1657-1757). مؤلف فرنسي وسكرتير الأكاديمية الفرنسية للعلوم خلال بداية عصر التنوير.

https://mathshistory.st-andrews.ac.uk/Biographies/Fontenelle/

2. كارل فريدريش جاوس (1777-1855). عالم رياضيات وفيزيائي ألماني.

https://mathshistory.st-andrews.ac.uk/Biographies/Gauss/

3. تشارلز كروس (1842-1888). شاعر ومخترع فرنسي، ومؤلف كتاب “دراسات في وسائل الاتصال بالكواكب”.

https://www.britannica.com/biography/Charles-Cros

4. نيكولا تيسلا (1856-1943). مخترع صربي أمريكي ومهندس كهربائي ومهندس ميكانيكي ومستقبلي اشتهر بمساهماته في تصميم نظام التيار الكهربائي المتناوب الحديث.

https://www.britannica.com/biography/Nikola-Tesla

5. البحث عن ذكاء خارج الأرض (SETI). مصطلح جماعي للبحث العلمي عن حياة ذكية خارج كوكب الأرض، على سبيل المثال، مراقبة الإشعاع الكهرومغناطيسي بحثًا عن علامات الإرسال من الحضارات على الكواكب الأخرى.

https://en.wikipedia.org/wiki/Search_for_extraterrestrial_intelligence

6. ميشيل مايور (1942-) وديدييه كيلوز (1966-). عالمان فلكيان سويسريان، اشتهرا باكتشاف أول كوكب يدور حول نجم شبيه بالشمس، خارج المجموعة الشمسية، في عام 1995. وفي عام 2019 فازا بجائزة نوبل في الفيزياء.

https://www.nature.com/articles/d41586-019-02964-z

7. الكواكب الخارجية: هي كواكب تقع خارج نظامنا الشمسي وتدور حول نجوم شبيهة بالشمس. وحتى 1 يوليو 2022، تم اكتشاف 5108 من هذه الكواكب الموجوده خارج نظامنا الشمسي.

https://www.google.com/search؟q=the+number+of+discovered+exoplanets&oq=the+number+of+discovered+exoplanets&aqs=chrome..69i57j0i22i30l2j0i390l3.9194j0j4&sourceid=chrome&ie=UTF-8

8. البصمات الحيوية: هي أي مادة تُقدم أدلة علمية على الحياة في الماضي أو فى الحاضر.

https://en.wikipedia.org/wiki/Biosignature

شارك هذا المقال على :

تم نسخ الرابط !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقلات قد تعجبك