مُلخصٌ في ثوانٍ: الحرب الروسية الأوكرانية خلقت مشهدًا معقدًا من الفائزين والخاسرين. في المقال السابق (الجزء الخامس)، تحدثت عن الرابحين والخاسرين بين المشاركين المباشرين في الصراع، روسيا وأوكرانيا. في هذا المقال، سأشرح تأثير هذه الحرب على الدول التي تدعم أحد الأطراف أو بقيت محايدة والرابحين والخاسرين بين الدول المحايدة.
أولاً: الدول والمنظمات التي دعمت أحد الأطراف
الجانب المؤيد لروسيا (مثل إيران وكوريا الشمالية)
الدول التي دعمت روسيا في صراعها مع أوكرانيا، وخاصة إيران وكوريا الشمالية، شهدت مكاسب وخسائر نتيجة تحالفها مع موسكو. دعمها لروسيا شكّل علاقاتها الدولية، واقتصاداتها، والديناميكيات العسكرية لديها. في هذا الجزء نقدم تحليلاً للمكاسب والخسائر التي لحقت بهذه الدول:
إيران
الأرباح
1. المكاسب الاقتصادية والتجارية:
عززت روسيا وإيران علاقاتهما الاقتصادية من خلال الدعم المتبادل. على سبيل المثال، ساعدت روسيا إيران في تصدير النفط إلى أسواقها، ووفرت لإيران بعض التقنيات الخاصة بالأسلحة المتقدمة تكنولوجيًا.
2. التعاون العسكري:
حصلت إيران على مساعدات عسكرية من روسيا، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة مثل نظام (S-300) للدفاع الجوي والعديد من أنواع الأسلحة الأخرى. وهذا يقوي قدرات إيران الدفاعية في مواجهة التهديدات الإقليمية، خاصة من الولايات المتحدة وإسرائيل.
3. التأثير الجيوسياسي:
عززت إيران من موقفها في الشرق الأوسط، من خلال دعم روسيا لها. فكلا البلدين متفقان في معارضتهما للنفوذ الغربي، ولهما مصالح استراتيجية مشتركة في سوريا، حيث يدعمان نظام الأسد (قبل سقوطه في 8 ديسمبر 2024).
هذا التعاون بين البلدين منح إيران صوتًا أقوى في الدبلوماسية الإقليمية، خاصة في مواجهة المبادرات التي تقودها الولايات المتحدة في المنطقة.
4. التوافق ضد الولايات المتحدة والدول الغربية:
يشترك البلدان في تحدي الهيمنة العالمية للولايات المتحدة، مما يجعل تحالفهما مفيدًا في مقاومة تأثير القوى الغربية.
الخسائر
1. زيادة العقوبات:
تواجه إيران عقوبات هائلة، وأدى دعمها لروسيا إلى زيادة الضغط من القوى الغربية. فقد فرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عقوبات على بعض المؤسسات والمسؤولين الإيرانيين المتورطين في دعم روسيا، مما يزيد من العزلة الاقتصادية والسياسية لإيران.
2. العزلة الدولية:
حيث أن روسيا تواجه عزلة متزايدة، فإن دعم إيران لها يؤدي إلى زيادة العزلة الدبلوماسية لإيران، خاصة من الدول الأوروبية والعديد من المؤسسات العالمية.
3. خطر أن تصبح منبوذة:
من خلال دعم روسيا في عدوانها ضد أوكرانيا، تواجه إيران خطر أن تُعتبر داعمة للاعتداء على الحدود الدولية المعترف بها، مما قد يضعف مكانتها الدبلوماسية وجاذبيتها للدول المحايدة أو غير المنحازة.
4. خطر الرد العسكري:
دعم روسيا، خاصة في حربها ضد أوكرانيا، يعرض إيران للرد العسكري المحتمل أو العمليات السرية من قبل الدول المعادية، خاصة الولايات المتحدة وإسرائيل.
كوريا الشمالية
الأرباح
1. التعاون الاقتصادي والعسكري:
استفادت كوريا الشمالية من الدعم العسكري والاقتصادي من روسيا، بما في ذلك الحصول على موارد مثل إمدادات الطاقة. في المقابل، حصلت روسيا على قذائف مدفعية وذخائر من كوريا الشمالية لدعم جهودها الحربية في أوكرانيا.
تجارة الأسلحة والذخائر تعزز اقتصاد كوريا الشمالية، خاصة في سياق مواجهتها للعقوبات الدولية وقلة شركائها التجاريين.
2. تعزيز القدرات العسكرية:
ساعد دعم كوريا الشمالية لروسيا في الحفاظ على علاقات وثيقة مع دولة نووية قوية، مما قد يوفر لها فوائد استراتيجية. التعاون العسكري، بما في ذلك تبادل الأسلحة والتكنولوجيا، يعزز قدرات كوريا الشمالية الدفاعية، خاصة في تكنولوجيا الصواريخ.
3. التوافق الاستراتيجي ضد الغرب:
تشترك روسيا مع كوريا الشمالية في الرغبة في معارضة النفوذ الغربي، خاصة مع الولايات المتحدة. لذلك يؤدي دعم روسيا إلى تعزيز موقف كوريا الشمالية كدولة تتحدي الضغوط والعقوبات الدولية.
4. النفوذ الدبلوماسي:
ترى كوريا الشمالية أن دعمها لروسيا هو وسيلة للحصول على نفوذ في المفاوضات المستقبلية مع الغرب، خاصة فيما يتعلق ببرنامجها النووي.
الخسائر
1. العقوبات الدولية المتزايدة:
تورط كوريا الشمالية في دعم حرب روسيا أدى إلى فرض المزيد من العقوبات الدولية عليها، بما في ذلك عقوبات مصدرها الولايات المتحدة والأمم المتحدة، التي تستهدف بشكلٍ عام تجارتها في الأسلحة. هذه العقوبات تحد من وصول كوريا الشمالية إلى الأسواق العالمية.
2. العزلة الاقتصادية:
تجارة الأسلحة والدعم العسكري قد يزيد من عزلة كوريا الشمالية الاقتصادية. مع نمو الإدانة العالمية لأفعال روسيا، قد تسعى بعض الدول لقطع علاقاتها التجارية مع كوريا الشمالية بسبب دعمها لروسيا، مما يزيد من صعوباتها الاقتصادية.
3. خطر أن تصبح دولة وكيلة:
هناك خطر من أن يُنظر إلى كوريا الشمالية على أنها مجرد وكيل لمصالح روسيا في الصراع، مما قد يضعف مكانتها على الساحة الدولية ويحد من استقلاليتها الجيوسياسية.
4. تلف السمعة:
بينما قد لا يكون لدى كوريا الشمالية الكثير لتخسره من حيث السمعة العالمية (لأنها بالفعل تواجه عزلة كبيرة)، فإن دعمها لحرب عدوانية في أوكرانيا يزيد من تدهور صورتها كعضو مسؤول في المجتمع الدولي، مما قد يقلل من قدرتها على التأثير في الشؤون العالمية أو كسب حلفاء.
الخلاصة
بالنسبة لإيران وكوريا الشمالية، فإن التحالف مع روسيا قدم بعض المكاسب الاستراتيجية والاقتصادية، خاصة في التعاون العسكري وفي معارضة القوى الغربية. ومع ذلك، فإن هذه المكاسب تأتي بتكلفة كبيرة، تشمل زيادة العقوبات، والعزلة الدبلوماسية، وخطر الانغماس في الصراع بين روسيا وأوكرانيا. وقد تواصل الدولتان دعمهما لروسيا، ولكن عليهما أن يُقيما العواقب طويلة الأجل لأفعالهما، حيث تواجهان ضغوطًا متزايدًا من المجتمع الدولي.
الدول والمنظمات المؤيدة لأوكرانيا (مثل الولايات المتحدة وحلف الناتو)
الدول التي دعمت أوكرانيا في صراعها مع روسيا، وخاصة الولايات المتحدة ودول حلف الناتو، شهدت مكاسب وخسائر نتيجة لتورطها. دعم هذه الدول كان متعدد الجوانب، وشمل المساعدات العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية لأوكرانيا، بالإضافة إلى فرض العقوبات على روسيا. فيما يلي تحليل للمكاسب والخسائر التي تعرضت لها هذه الدول.
الولايات المتحدة (خلال إدارة الرئيس بايدن)
الأرباح
1. تعزيز التحالفات عبر الأطلسي:
عملت الولايات المتحدة على تعزيز دورها القيادي داخل حلف الناتو، مما ساعد في تقوية شراكتها مع الحلفاء الأوروبيين وضمان مزيد من الوحدة بين الدول الغربية. وساهم هذا في تعزيز بنية الأمن الجماعي وتقوية الروابط عبر الأطلسي.
2. تعزيز الديمقراطية والقيم:
من خلال دعم أوكرانيا، وضعت الولايات المتحدة نفسها كمدافع عن القيم الديمقراطية والسيادة، في مقابل الاستبداد الروسي. وساعد هذا في تعزيز صورتها العالمية كداعم للنظام الدولي القائم على القوانين وحقوق الإنسان.
3. التأثير العسكري والاستراتيجي:
الدعم العسكري الذي تقدمه الولايات المتحدة لأوكرانيا، بما في ذلك الأسلحة المتقدمة والتدريب، منحها تأثيرًا كبيرًا في تطوير الجيش الأوكراني. كما يقدم هذا الدعم معلومات استخباراتية وتجربة لوجستية مفيدة لاستراتيجيات عسكرية مستقبلية، خصوصًا ضد روسيا وأعداء آخرين.
4. المكاسب الاقتصادية:
استفاد المقاولون الدفاعيون والصناعة العسكرية في الولايات المتحدة من بيع الأسلحة والمساعدات العسكرية لأوكرانيا. كما استفاد الاقتصاد الأمريكي من الطلب المستمر على المعدات العسكرية والتكنولوجيا.
5. تقليص قوة روسيا العالمية:
دعم أوكرانيا يسمح للولايات المتحدة وحلفائها في الناتو بإضعاف نفوذ روسيا في أوروبا وحول العالم، مما يقلل من قدرة روسيا على تحدي المصالح الأمريكية في المنطقة والعالم.
6. النفوذ الجيوسياسي:
الولايات المتحدة قادرة على ممارسة الضغط على روسيا وحلفائها من خلال دعم أوكرانيا، مما يظهر للعالم عواقب العدوان وانتهاك الحدود. يعمل هذا كعامل ردع للدول الأخرى التي قد تفكر في اتخاذ إجراءات مماثلة.
الخسائر
1. التكاليف الاقتصادية:
الدعم المالي الذي تقدمه الولايات المتحدة لأوكرانيا، والذي يشمل مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية والاقتصادية والإنسانية، شكل عبئًا اقتصاديًا. وقد أثار هذا قلقًا داخل الولايات المتحدة بشأن التكلفة طويلة الأجل لهذه الالتزامات، خاصة في ظل القضايا الداخلية مثل التضخم والبرامج الاجتماعية التي تتطلب المزيد من الإهتمام.
2. زيادة الانقسام السياسي الداخلي:
أصبح دعم أوكرانيا قضية مثيرة للجدل في السياسة الداخلية الأمريكية. فبينما يرى البعض أن هذا الدعم يعد ضرورة أخلاقية واستراتيجية، فإن آخرين يرون أن الولايات المتحدة يجب أن تركز على أولوياتها الداخلية بدلاً من الانخراط في صراع بعيد. وقد أدى هذا إلى انقسام في الخطاب السياسي الأمريكي، مع مطالبة بعض الفصائل بتقليل المساعدات أو تبني موقف أكثر انعزالية.
3. مخاطر التصعيد:
تواجه الولايات المتحدة خطر زيادة تصعيد الصراع، مما قد يؤدي إلى مواجهة مباشرة مع روسيا. المساعدات العسكرية لأوكرانيا أثارت بالفعل تهديدات من روسيا بالانتقام، وهناك دائمًا خطر من الحسابات الخاطئة التي قد تؤدي إلى اشتباك عسكري أوسع.
4. التداعيات الناتجة عن العقوبات:
رغم أن العقوبات الأمريكية على روسيا قد ألحقت ضررًا كبيرًا بالاقتصاد الروسي، إلا أن لها أيضًا تأثيرات سلبية على الأسواق العالمية، مثل: زيادة أسعار الطاقة، والتضخم، واضطرابات التجارة العالمية (خصوصًا في الغذاء والطاقة)، مما أثر على الولايات المتحدة وحلفائها، وسبب في ضغوط اقتصادية.
دول حلف الناتو
الأرباح
1. تعزيز تماسك حلف الناتو:
من خلال دعم أوكرانيا، عززت دول الناتو تماسك الحلف واهتمامه بالدفاع الجماعي. كانت الوحدة داخل الناتو إنجازًا سياسيًا كبيرًا، خاصة مع انضمام فنلندا والسويد إلى الحلف، مما يدل على قوة الناتو المتزايدة.
2. الأمن والاستقرار في أوروبا:
من خلال مساعدة أوكرانيا على الدفاع عن سيادتها، تهدف دول الناتو إلى منع انتشار العدوان الروسي إلى أجزاء أخرى من أوروبا. فوجود أوكرانيا المستقلة والمستقرة سيساهم في جعلها دولة عازلة بين أعضاء الناتو وروسيا، مما يقلل من خطر التوسع الإقليمي الروسي.
3. إظهار القيادة العالمية:
أظهرت دول الناتو، خاصة الولايات المتحدة والدول الأوروبية الكبرى مثل المملكة المتحدة وألمانيا، قيادة قوية على الساحة العالمية من خلال اتخاذ موقف مبدئي في الدفاع عن سيادة أوكرانيا وسلامتها الإقليمية، مما يضعهم في طليعة مكافحة الاستبداد والعدوان.
4. تعزيز صناعة الدفاع والنشاط الاقتصادي:
دول الناتو، خاصة تلك التي تتمتع بصناعات دفاعية قوية (مثل الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة)، استفادت من زيادة المساعدات العسكرية لأوكرانيا. حيث شهدت شركات الدفاع في هذه الدول زيادة في مبيعات الأسلحة والمركبات والمعدات العسكرية الأخرى.
5. تعزيز الأمن عبر الأطلسي:
دعم أوكرانيا يعزز الموقف العسكري للناتو في أوروبا. ومن خلال مساعدة أوكرانيا على مقاومة العدوان الروسي، تعزز دول الناتو أمنها الخاص بشكل غير مباشر. قد يشجع انتصار روسيا في أوكرانيا موسكو على تحدي أعضاء الناتو بشكل مباشر.
الخسائر
1. الضغط الاقتصادي:
الدعم العسكري والإنساني لأوكرانيا يأتي بتكلفة عالية. وبينما تقود الولايات المتحدة هذا الجهد، فإن الدول الأوروبية قد قدمت أيضًا موارد مالية كبيرة. ومع استمرار التضخم، وأزمات الطاقة، وارتفاع تكلفة المعيشة في العديد من دول الناتو، فإن هذه النفقات قد أضافت مزيدًا من الضغط على اقتصاداتها.
2. تحديات أمن الطاقة:
واجهت دول الناتو، خاصة تلك الموجودة في أوروبا، تحديات كبيرة في مجال الطاقة بسبب جهودها لفرض عقوبات على صادرات الطاقة الروسية. أدى هذا إلى ارتفاع أسعار الطاقة، ونقص الإمدادات، وأزمة طاقة واسعة النطاق، مما أثر بشدة على المستهلكين والصناعات الأوروبية.
3. الانقسامات السياسية الداخلية:
أصبح موضوع دعم أوكرانيا مصدرًا للانقسام السياسي في بعض دول الناتو. على سبيل المثال، كانت هناك حالة من الاستياء المتزايد في بعض الدول الأوروبية بشأن العبء المالي لدعم أوكرانيا، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الطاقة وزيادة التضخم.
4. مخاطر التصعيد والمواجهة المباشرة:
دعم الناتو لأوكرانيا جعل الحلف خصمًا مباشرًا في نظر روسيا. هذا يزيد من خطر تصعيد الصراع إلى حرب أوسع. بينما كانت دول الناتو حريصة على تجنب الانخراط العسكري المباشر مع روسيا، إلا أن شحنات الأسلحة المستمرة إلى أوكرانيا قد تثير المزيد من الردود الانتقامية الروسية.
5. الضغط الناجم عن اللاجئين والمساعدات الإنسانية:
الحرب أدت إلى تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين الأوكرانيين الذين طلبوا اللجوء في دول الناتو، وخاصة في بولندا وألمانيا والدول المجاورة الأخرى. بينما أظهرت هذه الدول تضامنًا، إلا أن تدفق اللاجئين الكبير وضع ضغطًا على خدماتها العامة، والإسكان، والأنظمة الاجتماعية.
الخلاصة
بالنسبة للولايات المتحدة ودول الناتو، فإن مكافآت دعم أوكرانيا تشمل تعزيز التحالفات، وتعزيز القيم الديمقراطية، وتقوية الأمن في أوروبا. ومع ذلك، فإن التكاليف كبيرة، بدءًا من الضغط الاقتصادي وصولًا إلى خطر تصعيد الصراع. بينما ساعد دعمهم أوكرانيا في مقاومة العدوان الروسي، يجب على هذه الدول التعامل مع تحديات الانقسامات السياسية الداخلية، والتكاليف الاقتصادية، وإمكانية التصعيد العسكري الأوسع مع استمرار النزاع. يظل التزامهم بأوكرانيا عنصرًا حاسمًا في الصراع المستمر بين روسيا والغرب، مع تداعيات ستستمر لسنوات قادمة.
ثانيًا: البلدان المحايدة ذات الاقتصادات القوية (مثل تركيا ودول الخليج العربي/الفارسي، والصين، والهند)
البلدان التي تتمتع باقتصادات قوية أو نسبياً قوية ولم تكن متورطة بشكل مباشر في الصراع بين أوكرانيا وروسيا – مثل تركيا ودول الخليج (المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وقطر، والبحرين، والكويت، وعمان)، والصين، والهند – نجحت في التعامل مع الحرب بطرق مختلفة. هذه البلدان حافظت على مصالحها الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية، مما أتاح لها الاستفادة من مواقفها المحايدة أو غير المنحازة، مع مواجهة بعض الخسائر أو التحديات. إليكم تحليلٌ للربح والخسارة لكل من هذه البلدان:
تركيا
الأرباح:
1. زيادة النفوذ الدبلوماسي:
أصبحت تركيا لاعبة أساسية في الوساطة بين روسيا والغرب، مما عزز من تأثيرها الدبلوماسي على الساحة العالمية، وخاصة في حلف الناتو وبين الفاعلين الإقليميين.
2. الشراكات العسكرية والاقتصادية:
حافظت تركيا على علاقات قوية مع كل من روسيا والدول الغربية. فقد استمرت في شراء الطاقة والمعدات العسكرية الروسية، مثل نظام الدفاع الجوي (S-400)، في نفس الوقت الذي كانت فيه عضوًا مهمًا في حلف الناتو. وقد سمح لها هذا التوازن بالحصول على صفقات مميزة من الجانبين، بما في ذلك التنازلات العسكرية والاقتصادية.
3. أمن الطاقة:
تعد تركيا نقطة عبور حيوية للطاقة، خاصة الغاز الطبيعي والنفط، وهو ما أصبح أكثر أهمية في الوقت الذي يسعى فيه الغرب لتقليل اعتماده على الطاقة الروسية. عززت تركيا من مكانتها في أسواق الطاقة من خلال شراكاتها مع روسيا، ويمكن أن تصبح مسارًا بديلاً للطاقة لأوروبا، مما يوفر فوائد جيوسياسية واقتصادية.
4. الموقع الاستراتيجي في السياسة الإقليمية:
من خلال الحفاظ على موقف محايد في النزاع، عززت تركيا مكانتها كقوة إقليمية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى. ويمكنها استخدام هذه القوة لتأمين مصالحها الإقليمية، خصوصًا في سوريا والمناطق المحيطة بها، بينما تُبقي خياراتها مفتوحة للتحالفات المستقبلية.
الخسائر:
1. التوترات مع حلفاء الناتو:
رغم كونها عضوًا في الناتو، فقد توترت علاقات تركيا مع بعض الدول الغربية، خصوصًا الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بسبب تعاونها العسكري مع روسيا ورفضها فرض عقوبات صارمة على موسكو. وقد أدى هذا التوتر إلى زيادة القلق بشأن التزام تركيا بالدفاع الجماعي للناتو.
2. التأثيرات الاقتصادية للعقوبات:
على الرغم من اقتصادها القوي نسبيًا، فإن تركيا تواجه تبعات محتملة من العقوبات الغربية على روسيا، حيث إن بعض الشركات التركية والقطاعات الاقتصادية متورطة في التجارة مع روسيا. كما أصبحت تركيا هدفًا للعقوبات الثانوية إذا استمرت في تجاوز العقوبات الدولية من خلال الأنشطة الاقتصادية مع روسيا.
3. التوازن المعقد:
تتطلب استراتيجية تركيا في التوازن بين علاقاتها مع روسيا ودول الناتو مناورة دبلوماسية مستمرة. أي خطوة خاطئة قد تؤدي إلى العزلة من أحد الجانبين، مما قد يؤثر على الاستقرار الاقتصادي والجيوسياسي طويل الأمد لتركيا.
دول الخليج (السعودية، الإمارات، قطر، البحرين، الكويت، عُمان)
الأرباح:
1. المكاسب الاقتصادية والطاقة:
استفادت دول الخليج، وخاصة السعودية والإمارات، من ارتفاع أسعار النفط والغاز العالمية بسبب الصراع. أصبحت صادرات الطاقة أكثر قيمة، واستغلت هذه الدول مكانتها كمنتجين رئيسيين للطاقة لتأمين صفقات تجارية واستثمارات أفضل من الدول الغربية وغير الغربية.
2. الحياد الجيوسياسي والنفوذ:
من خلال الحفاظ على الحياد في الصراع، عززت دول الخليج قدرتها على الحفاظ على علاقات مع روسيا والقوى الغربية في الوقت ذاته. مما منحهم مرونة اقتصادية وسياسية، وجعلهم لاعبين مهمين في الدبلوماسية العالمية.
3. تعزيز العلاقات مع روسيا:
عززت روسيا ودول الخليج، وخاصة السعودية، التعاون من خلال اتفاق “أوبك+” بشأن خفض إنتاج النفط. هذا التعاون يعود بالفائدة على دول الخليج من خلال ضمان أسعار نفط مرتفعة، وهو أمر بالغ الأهمية لاقتصاداتهم.
4. زيادة الفرص الاستثمارية:
تستخدم دول الخليج قوتها الاقتصادية لجذب الاستثمارات والتجارة مع الدول المشاركة في الصراع، بما في ذلك روسيا وأوكرانيا. يسمح لها حيادها بالعمل كمراكز مالية وملاجئ آمنة للاستثمارات وسط حالة من عدم اليقين الاقتصادي العالمي.
الخسائر:
1. الضغط من الحلفاء الغربيين:
بينما تحافظ دول الخليج على حيادها، تواجه ضغوطًا من الولايات المتحدة ودول غربية أخرى لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد روسيا، بما في ذلك فرض عقوبات أو تقليل العلاقات مع موسكو. هذا الضغط يمارس بشكلٍ خاص على السعودية التي ترتبط بعلاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة وفي نفس الوقت تربطها أيضًا علاقات قوية مع روسيا.
2. المواقف العامة والمخاوف الأيديولوجية:
رغم حيادها السياسي، قد تواجه دول الخليج انتقادات داخلية أو خارجية لعدم اتخاذ موقف أقوى لدعم أوكرانيا، خصوصًا من دول أو أفراد يرون أن تصرفات روسيا تمثل انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي وحقوق الإنسان.
3. تقلبات في الأسواق العالمية:
بينما تعود الأسعار المرتفعة للطاقة بالنفع على اقتصادات الخليج على المدى القصير، فإن تقلبات الأسواق العالمية الناجمة عن الحرب قد يكون لها آثار سلبية على المدى الطويل، بما في ذلك تعطل طرق التجارة العالمية وعدم الاستقرار المالي.
الصين
الأرباح:
1. المكاسب الاقتصادية الاستراتيجية:
استفادت الصين من زيادة التجارة مع روسيا، خصوصًا في مجال الطاقة. ومع فرض الدول الغربية عقوبات على روسيا، تدخلت الصين كشريك تجاري رئيسي، مما يضمن لها إمدادات طاقة بأسعار مخفضة، ويدعم نموها الاقتصادي طويل الأجل.
2. زيادة النفوذ الجيوسياسي:
تحافظ الصين على موقف محايد بينما في نفس الوقت تقدم الدعم الدبلوماسي لروسيا. وأدي ذلك لوضع الصين كطرف رئيسي في تشكيل النظام العالمي المستقبلي، ومقدمة نفسها كداعم لتعددية القطبية في السياسة العالمية.
3. فرص التوسع في الأسواق العالمية:
استغلت الصين الاضطراب في سلاسل الإمداد الغربية من خلال زيادة صادراتها إلى البلدان التي تبحث عن بدائل للبضائع الروسية والأوروبية. وقد سمح هذا للنشاط التجاري الصيني بالنمو في قطاعات مثل التصنيع والتكنولوجيا.
4. التحكم في الموارد الاستراتيجية:
رسخت الصين من سيطرتها على الموارد الحيوية مثل العناصر الأرضية النادرة والمعادن، بينما وضعت نفسها كشريك اقتصادي أساسي للدول التي تسعى لتجاوز العقوبات الغربية ضد روسيا.
الخسائر:
1. العلاقات المتوترة مع الغرب:
أدى الحياد الصيني إلى زيادة التوتر مع الولايات المتحدة وحلفائها الذين ضغطوا على بكين لتقليص علاقاتها مع روسيا. تواجه الصين خطر العقوبات الثانوية أو تعطيل التجارة إذا استمرت في دعم روسيا بشكل علني، خاصة في مجالات الطاقة والمال.
2. خطر الاعتماد المفرط على روسيا:
رغم استفادتها من علاقتها مع روسيا، فإن الاعتماد المفرط على موسكو قد يكون له تبعات سلبية، فقد يتعرض الأمن الاقتصادي للصين للخطر إذا انهار الاقتصاد الروسي أو أصبحت روسيا أكثر عزلة من السوق العالمية.
3. تعطيل التجارة العالمية:
قد تؤثر الحرب على سلاسل الإمداد العالمية وأسعار الطاقة وبالتالي على الاقتصاد الصيني أيضًا. فقد تؤدي اضطرابات طرق التجارة وضغوط التضخم إلى تقليص آفاق النمو في الصين، على الرغم من هيمنتها المتزايدة في التجارة الدولية.
الهند
الأرباح:
1. المكاسب الاقتصادية والطاقة:
استفادت الهند من إمدادات النفط والغاز المخفضة من روسيا بسبب العقوبات الغربية، مما ساعد الهند في السيطرة على تكاليف الطاقة والحفاظ على نموها الاقتصادي رغم ارتفاع أسعار النفط العالمية.
2. الحياد الاستراتيجي:
حافظت الهند على سياسة عدم الانحياز، مما سمح لها بالتوازن بين علاقاتها مع روسيا (شريكها الدفاعي طويل الأمد) والولايات المتحدة (شريكها الاستراتيجي المتزايد). ويعزز هذا من استقلالها الجيوسياسي في عالم متعدد الأقطاب.
3. زيادة النفوذ الدبلوماسي:
ساعد موقف الهند المحايد في تقوية علاقاتها الدبلوماسية مع مجموعة واسعة من البلدان، مما جعلها صوتًا مهمًا في المنتديات الدولية مثل الأمم المتحدة. استخدمت الهند موقعها لتشجيع السلام والحوار، مما عزز مكانتها على الساحة العالمية.
الخسائر:
1. الضغط من الحلفاء الغربيين:
أدى اعتماد الهند المستمر على المعدات العسكرية والطاقة الروسية إلى توتر علاقاتها مع الدول الغربية، خصوصًا الولايات المتحدة التي عبرت عن قلقها من قرب الهند من روسيا. وقد دفعت الولايات المتحدة الهند لتقليل اعتمادها على روسيا، خاصة مع زيادة التعاون العسكري بين الهند والغرب.
2. الضغوط الاقتصادية الداخلية:
رغم أن أسعار النفط المنخفضة كانت مفيدة للهند، إلا أن الاضطراب الاقتصادي العالمي الناجم عن الحرب قد يؤثر في النهاية على اقتصاد الهند من خلال التضخم، وانخفاض الصادرات، وتعطيل سلاسل الإمداد العالمية.
3. الاضطراب الإقليمي:
يجب على الهند أن تأخذ في اعتبارها العواقب الإقليمية طويلة المدى للحرب. على سبيل المثال، قد تؤثر الاضطرابات في أوروبا على البيئة الجيوسياسية الأوسع، خصوصًا في آسيا، حيث يشكل نمو نفوذ الصين تحديًا استراتيجيًا للهند.
الخلاصة
لقد نجحت دول مثل تركيا ودول الخليج والصين والهند في اجتياز مشاكل الصراع بين أوكرانيا وروسيا، وذلك عن طريق خليط من الفوائد والتحديات. لقد استفادت هذه البلدان من الفرص المتاحة في مجالات الطاقة، والنفوذ الدبلوماسي، والاستقلال الاستراتيجي. ومع ذلك، فهي تواجه مخاطر تتراوح بين توتر العلاقات مع القوى الغربية والاعتماد المفرط على روسيا، وعدم الاستقرار الاقتصادي، وصعوبة التوازن بين المصالح العالمية المتنافسة. في حين أن مواقفها الحيادية توفر مزايا على المدى القصير، فإن العواقب طويلة المدى للتحالف مع طرف واحد أو الآخر قد تخلق خيارات صعبة في المستقبل.
ثالثاً: دول العالم الثالث ذات الاقتصادات الغير متطورة
الحرب الروسية-الأوكرانية كان لها تداعيات كبيرة ومعقدة على الدول النامية ذات الاقتصادات الغير متطورة. هذه الدول، التي تتميز عادةً بموارد محدودة، ومؤسسات هشة، وتعتمد على المساعدات الخارجية، تأثرت بطرق مختلفة. ففي حين أن بعض الدول استفادت من الفرص التي نشأت عن الصراع، عانت الغالبية من تأثيرات الحرب السلبية. ونستعرض هنا تحليل للأرباح والخسائر التي تعرضت لها هذه الدول:
الأرباح:
1. زيادة أسعار السلع: (فائدة اقتصادية قصيرة الأجل)
أسعار الطاقة والمواد الغذائية: استفادت بعض الدول النامية، وخاصة تلك التي تصدر المواد الخام، من الارتفاع الحاد في أسعار السلع نتيجة للحرب. الدول التي تصدر النفط والغاز والمنتجات الزراعية (مثل القمح أو الذرة) شهدت زيادة في الإيرادات بسبب ارتفاع الطلب العالمي ووجود اضطرابات في العرض، خصوصاً عندما كانت روسيا وأوكرانيا من أكبر المنتجين لبعض الحبوب.
على سبيل المثال، قد تستفيد دول مثل نيجيريا وأنغولا، التي تصدر النفط، من ارتفاع أسعار النفط العالمية، مما يؤدي إلى زيادة الإيرادات في الأجل القصير.
2. تنوع الشراكات التجارية:
مع فرض العديد من الدول الغربية عقوبات على روسيا، حافظت بعض الدول على موقف محايد و واصلت تجارتها مع روسيا (مثل بعض الدول الإفريقية)، مما أعطاهم الفرصة لزيادة تجارتهم مع موسكو. على سبيل المثال، قد تسعى روسيا لزيادة صادراتها من الأسمدة والوقود أو السلع الأخرى إلى الدول النامية، مما يوفر لهذه الدول صفقات تجارية مفضلة.
بعض الدول في إفريقيا وآسيا قد تستفيد من هذا الوضع للوصول إلى الطاقة الروسية المخفضة أو الحبوب والمواد الخام، مما قد يعود بالفائدة على اقتصاداتها، خصوصاً إذا استطاعت تنويع مصادر استيرادها.
3. النفوذ الجيوسياسي: (الموقف المحايد)
الدول التي تحافظ على موقف محايد، مثل العديد من دول إفريقيا وآسيا، قد تزيد من نفوذها الجيوسياسي. ومن الممكن أن يؤدي هذا إلى شروط دبلوماسية أكثر فائدة أو مساعدات دولية، حيث قد تسعى كل من روسيا والغرب إلى دعمها أو حسن نيتها.
على سبيل المثال، حافظت العديد من الدول الإفريقية على موقف محايد، مما سمح لها بمواصلة تعزيز علاقاتها التجارية مع كل من روسيا والدول الغربية.
4. المساعدات الإنسانية والمساعدات المالية:
تلقت بعض الدول النامية مساعدات إنسانية أو زيادات في الاستثمارات من الدول التي تسعى للتخفيف من تأثيرات الحرب. على سبيل المثال، قد تزيد الدول الغربية، من خلال المنظمات الدولية، مساعداتها إلى المناطق المتضررة من نقص الغذاء نتيجة اضطراب صادرات الحبوب من أوكرانيا وروسيا، أو قد تقدم مساعدات مالية لاستقرار الاقتصادات التي تعاني من آثار الصراع.
الخسائر:
1. ارتفاع أسعار الطعام والطاقة:
اضطرابات في سلاسل الإمداد العالمية: تسببت الحرب في اضطرابات كبيرة في سلاسل الإمداد العالمية للطعام والطاقة، حيث تعتبر روسيا وأوكرانيا من الموردين الرئيسيين للغذاء، خاصة القمح والذرة وزيت عباد الشمس، ومنتجات الطاقة مثل الغاز والنفط. وبالنسبة للدول التي تعتمد بشكل كبير على الواردات، مثل العديد من دول إفريقيا جنوب الصحراء وآسيا، تسببت هذه الاضطرابات في تضخم حاد، خصوصاً في أسعار الطعام والطاقة.
انعدام الأمن الغذائي: الدول مثل الصومال والسودان واليمن، التي تعتمد بشدة على استيراد الطعام، شهدت زيادة كبيرة في تكلفة المواد الغذائية الأساسية. لقد زادت الحرب من مشكلة انعدام الأمن الغذائي، مما أدى إلى سوء التغذية، وازدياد الاضطرابات الاجتماعية، وتفاقم مستويات الفقر.
أزمة الطاقة: تواجه دول جنوب آسيا (مثل بنغلاديش وسريلانكا) وإفريقيا تحديات كبيرة بسبب ارتفاع تكاليف الوقود. أدى ارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي إلى التأثير على وسائل النقل، وتوليد الطاقة، وزيادة التضخم بشكل عام.
2. أزمة الديون وعدم الاستقرار الاقتصادي:
العديد من دول العالم الثالث، خاصة في إفريقيا وآسيا، تعاني من ديون ضخمة، وقد زادت الصدمات الاقتصادية الناتجة عن الحرب من تفاقم وضعها المالي. إن زيادة تكلفة الواردات، إلى جانب النمو البطيء أو السلبي، جعلت من الصعب على هذه الدول خدمة ديونها.
دول مثل سريلانكا، التي كانت تواجه صعوبات اقتصادية قبل الحرب، تأثرت بشدة من زيادة التكاليف وتراجع الإيرادات من الصادرات. وهذا أدى إلى معاناة المزيد من الدول من مشاكل الديون أو الحاجة إلى حزم إنقاذ من مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي.
3. انخفاض الاستثمار الأجنبي:
تسببت الحرب الروسية-الأوكرانية في حالة من عدم اليقين العالمي، مما أدى إلى تقليل الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الاقتصادات النامية. المستثمرون، الذين يواجهون احتمالية حرب مطولة وعدم الاستقرار، قد يتراجعون عن الاستثمار في المناطق التي تعاني بالفعل من أوضاع اقتصادية هشة، مما يؤدي إلى قلة فرص العمل، وتباطؤ النمو الاقتصادي، وتقليل نقل التكنولوجيا.
من المحتمل أن تشهد دول أمريكا اللاتينية، والدول الإفريقية، وبعض دول جنوب شرق آسيا انخفاضاً في تدفقات الاستثمار بينما تصبح أسواق رأس المال العالمية أكثر حذراً.
4. الأزمات الإنسانية وتدفقات اللاجئين:
رغم أن دول العالم الثالث ليست منخرطة مباشرة في الصراع، فإن بعضها، خاصة في إفريقيا وجنوب آسيا، قد تشهد زيادة في تدفقات اللاجئين حيث يفر الناس من أوكرانيا والمناطق المجاورة إلى دول أخرى. وهذا يضع ضغطاً إضافياً على الموارد المحدودة لتلك الدول، خصوصاً في الدول التي تعاني من نقص في البنية التحتية والخدمات الاجتماعية.
لقد شهدت دول أوروبا الشرقية مثل بولندا ورومانيا تدفقاً كبيراً للاجئين، مما يضغط على نظم الرعاية الاجتماعية لديهم. وقد تتأثر الدول النامية أيضاً حيث تستعد لاستقبال تدفقات اللاجئين من مناطق نزاع أخرى.
5. تعطيل التجارة العالمية وسلاسل الإمداد:
لقد أدى تعطيل سلاسل الإمداد العالمية بسبب الحرب إلى تأخير ونقص في توفر السلع الأساسية. وهذا يؤثر على الإنتاج في الدول التي تعتمد على الصادرات كمصدر للإيرادات، مثل الدول الإفريقية والآسيوية وأمريكا اللاتينية. لقد تباطأت سلاسل الإمداد العالمية، مما أدى إلى تباطؤ الإنتاج من الإلكترونيات إلى السلع الأساسية، وبالتالى تباطؤ الاقتصاد في هذه الدول النامية.
6. التدهور البيئي والزراعي:
كان لفقدان صادرات الحبوب الأوكرانية تأثير كبير على الدول التي تعتمد على واردات القمح والذرة. دول مثل إثيوبيا وكينيا ومصر كانت عُرضة بشكل خاص لهذه الاضطرابات الزراعية، مما زاد من انعدام الأمن الغذائي وزعزع استقرار الوضع الاجتماعي.
علاوة على ذلك، تسببت الحرب في تدمير بيئي في أوكرانيا نفسها، مما أثر على الإنتاج الزراعي، وزاد من تفاقم نقص السلع في الأسواق العالمية.
7. التأثيرات المتنافسة على النفوذ العالمي والضغط السياسي:
تواجه دول العالم الثالث، خاصة في إفريقيا وآسيا، ضغوطاً من القوى الغربية والشرقية لتحديد مواقفها السياسية. ومع قيام الغرب بفرض عقوبات على روسيا، وسعي روسيا للحصول على دعم الدول المحايدة، قد تجد هذه الدول نفسها عالقة بين النفوذ الجيوسياسي المتنافس، مما قد يؤثر على علاقاتها الدبلوماسية والدعم الدولي.
الخلاصة:
بالنسبة لدول العالم الثالث ذات الاقتصادات غير المتطورة، كانت الحرب الروسية-الأوكرانية مصدرًا للفوائد والخسائر، لكن الخسائر تفوق الفوائد بشكل كبير. بعض الدول استفادت من زيادة أسعار السلع وتنويع الشراكات التجارية، لكن هذه الفوائد عادة ما تكون قصيرة الأجل وغالبًا ما ترافقها زيادات في أسعار الطعام والطاقة، وعدم استقرار اقتصادي، وأزمات ديون، وتحديات إنسانية. لقد أضرت آثار الحرب على المدى الطويل بهذه الدول الضعيفة، وزادت من تفاقم التحديات القائمة مثل الفقر، وانعدام الأمن الغذائي، وعدم المساواة الاقتصادية.
ومع استمرار معاناة الشبكات التجارية العالمية، من المرجح أن تواجه هذه الدول صعوبات اقتصادية مستمرة، مما يستدعي دعمًا دوليًا وتعاونًا للتخفيف من تداعيات الحرب المستمرة.
المصادر
1. Chenoy, Anuradha. “Winners and Losers of the End Game in Ukraine.” Hardnews, 21 February, 2025.
https://www.hardnewsmedia.com/2025/02/winners-and-losers-of-the-end-game-in-ukraine/
2. Davis, J.S. Nicolas. “Winners and Losers of Big Economic War Over Ukraine.” Fair Observer, 22 February, 2023.
3. Zeyuan, Yu. “Three years on: Winners and Losers of the Ongoing Russia-Ukraine War.” Think China, 24 February, 2024
https://www.thinkchina.sg/politics/three-years-winners-and-losers-ongoing-russia-ukraine-war